مؤتمر "الربيع العربي – النساء والتحول الديمقراطي"

 

مؤتمر "الربيع العربيالنساء والتحول الديمقراطي":
 
  • نساء المنطقة العربية يملكن الإرادة السياسية
  • المؤتمر يحذر من الثورات المضادة والمد الاصولي
  • المشاركات يؤكدنا أهمية حماية منجزات الحركة النسوية
  • الدولة العلمانية والديموقراطية والمواطنة الكاملة الهدف القادم
 
عمان – لمراسلتنا – تحت "شعار الربيع العربي: النساء والتحول الديمقراطي" عقدت شبكة سلمى – شبكة منظمات نسوية عربية اقليمية- مؤتمرها الاقليمي الذي امتد لثلاثة أيام في العاصمة الأردنية بين 27-30 بداية هذا الأسبوع وبمشاركة أكثر من 60 امرأة من قيادات الحركة النسوية في 11 من البلدان العربية . فلقد حضرت المؤتمر نساء ممثلات لمنظمات نسوية من لبنان والبحرين واليمن وتونس ومصر وليبيا والأردن وفلسطين وسوريا والمغرب والعراق ومندوبات جمعية نساء ضد العنف .
وكانت جمعية "نساء ضد العنف" قد بادرت إلى تنظيم المؤتمر والإشراف عليه بصفتها منسقة لشبكة سلمى وفي محاولة لتناقل الخبرات والدعم بين النساء العربيات التي تمر بلدانهن بظروف الثورة أو التحول الديمقراطي .
ولقد افتتحت عايدة توما – سليمان مديرة جمعية "نساء ضد العنف" المؤتمر بكلمة أكدت فيها أن المنطقة تمر برياح عاصفة أطاحت بأنظمة استبداد وقمع للحريات وانتهاك يومي لشعوبها، الشرارة التي انطلقت من تونس تشظت لتصل مصر والبحرين واليمن وليبيا وسوريا واليوم حتى في البلدان التي سقطت فيها رؤوس النظم مازالت تلك البلدان تعيش حالة من التحول الذي نأمل فعلا أن يكون تحولا ديمقراطيا رغم المخاطر الكامنة .
وحيت توما- سليمان جميع النساء العربيات اللواتي لعبن ويلعبن دورا مميزا في هذه الثورات ويشاركن بفعالية عالية في تقرير مصير شعوبهن . وأضافت أن شبكة سلمى تحيي بشكل خاص النساء السوريات واليمينيات والبحرينيات الحاضرات، رغم الأوضاع الصعبة، في المؤتمر لإيصال كلمتهن للنساء العربيات ولينقلن أحلام شعوبهن بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .
وقالت توما- سليمان أن شبكة سلمى، التي تشكلت قبل أكثر من عامين،والتي خطّت حلمها بمجتمع ديمقراطي علماني يؤمن حقوق الإنسان والنساء ويحفظ كرامة مواطنيه ويحقق العدالة الاجتماعية للجميع، رأت الضرورة لعقد هذا المؤتمر الاقليمي الذي يشكل استراحة للنساء المناضلات وفرصة للتفاكر وتبادل الخبرات ولخلق التضامن النسوي والعربي والانساني في هذه المرحلة المصيرية في تاريخ شعوب المنطقة . كما يتيح المؤتمر للمشاركات الفرصة في اعادة ترتيب الاوراق في مواجهة المحاولات للثورة المضادة ولفرض الهيمنة الغربية والتدخل الخارجي في مصائر الشعوب واقتناص الثورة لصالح قوات دينية رجعية اصولية تمؤسس لكل ما يتناقض واهداف الثورات الشعبية .
وادارت الجلسة الافتتاحية المحامية انعام العشا، من مركز تضامن النساء العالمي في الاردن فحيت جمهور المشاركات ورحبت بهن وافتتحت الندوة الاولى تحت عنوان "شهادات ميدانية نسوية من قلب الثورة" .
وقدمت المشاركات شهادات حول مشاركاتهن .مزن حسن من مصر أكدت أن ثورة الشعب المصري الحقيقية بدأت بعد انتهاء ال – 18 يوم من الاعتصامات وسقوط النظام فهي ثورة ودفاع عن الحلم . 8اذار من اكثر اللحظات اكتئاب، حيث وانا اقف في المجال العام كان لا بد من ان اتعامل مع الاغلبية وبهذا الاعتصام نحن كمجموعة شباب كنا نحن المختلفين عن الناس والغريبين، ومما جعلني اتساءل انه كيف يتم تكوين الفكرة الثورية ؟
المشكلة في مصر سيطرة فكرة الابوية وهذا اضعاف لمجال النساء في المجال العام والخاص ، ولا بد من ايجاد تحدي حقيقي لقضايا المراة بمصر .
سارة جمال من اليمن اضافت: في اول مظاهرة 3 فبراير لم يكن هناك نساء في الاعتصام الذي كان يحوي طلاب جامعات غير منتمين للاحزاب، كنا نذهب لجلب البطانيات والطعام للمعتصمين، وعندها ادركت ان المراة لا يقتصر عملها على ذلك فقط، بل بدانا نحن النساء نظهر بقوة ونحرس المداخل مع الشباب ونتعرض للقنابل مسيلة الدموع وعمليات التفتيش وبدانا باول منصة صغيرة بنيناها من طاولات الدراسة لنصنع مسرح سياسي، سقط اول شهيد، مرت الايام سريعا وتساقط الشهداء وفقدت اول صديق لي كذلك ، تأثرنا لكننا تأملنا بمستقبل افضل .
في 21 مارس انضم لواء مع فرقة مدرعة،جاء ليحتمي بالثورة لا ليحميها ونظرت الى الحلم ورجوت ان لا ينهار لكنه بدأ ينهار اصبحت المنصة بعيدة عني .
في ابريل تم الاعتداء علي من قبل القوة الموالية للثورة لان الرئيس رمى بورقة الاختلاط حرام وصمدنا ولكنه وضع قوة عسكرية ومنها نساء مغطيات بالسواد يحملن شعارات تسيء للمراة ، تعرضنا للشتم والاعتداء بحجة اننا ندعو الى الانحلال .القضية في اليمن قضية انسان، وليست قضية امرأة فقط .
حليمة الجويني من تونس شرحت تطورات مشاركة النساء التونسيات فقالت : نتيجة تراكمات نضال النساء والعمال في الحوض المنجمي والحركة الفيسبوكية وبعد انتخابات 2009 وبشرارة البوعزيزي توسعت رقعة النضال وبرزت تقاليد واساليب جديدة لنضال النساء حيث اصبح اعتصام وتمسك بالمكان وليس اضراب فقط وظهرت الاساليب الجديدة بظهور جماعات وحركات شبابية جديدة ومثالها اكتساح المقاهي وهم يرتدون زي موحد وهذه التراكمات ادت الى ثورة ونحن كمنظمات وجمعيات محاصرين بالبوليس السياسي .
هدى عبد العزيز من ليبيا اكدت أن المراة الليبية قامت باسهامات فعالة خلال الفترة العصيبة التي مرت بها ليبيا بعد قيام ثورة السابع عشر من فبراير المباركة وما تلاها من ويلات بسبب قيام الاجهزة الامنية من جهة وكتائب القذافي من جهة اخرى بمحاولة قمعها فكان للمراة دورا كبيرا اذا أخذت على عاتقها الاضطلاع باعمال الامدادات والتموين والاعاشة والتمريض والاعلام ونقل السلاح بين المناطق داخل المدن المحاصرة والمشاركة بتصنيع المتفجرات فضلا عن الدفع بالبناء والازواج والاخوة للخروج لمقارعة قوى البغي ، مما دعا القذافي لاستهداف المراة الليبية من خلال اصدار الاوامر لجنوده ومرتزقته بشن حملة واسعه من الاغتصاب الممنهج وقد جهزهم بكل ما يجتاجونه لاتمام هذه المهة القذرة من حبوب منشطة جنسيا ووسائل اخرى نترفع عن ذكرها ، وقد طالت هذه الحملة الالاف من النساء الليبيات ولذينا فقط ارقام تقديرية تتجمع يوميا بشأن ذلك .
اما الناشطة السورية التي كان من الضروري عدم نشر اسمها فلقد اسهبت في شرح الحالة السورية والمخاطر الكامنة خاصة وان الصورة مازالت غير واضحة الى اين ستفضي الثورة ولكنها اشارت الى ما فعلته الانظمة العربية من استبداد ديني وعلماني وكلاهما مرفوض .وعندما تضع الثورة أوزارها ستعود النساء للبيت وهذا من مخاوفي ولن نسمح بالمساومة على حقوق النساء .
الشعب السوري نهض ولن يعود ليحني راسه للاستبداد فالمستقبل امامنا .
وكانت اخر المتحدثات عائشة البوجيني مديرة جمعية وعد البحرينية التي قالت ان المراة نزلت المظاهرات في البحرين باعداد كبيرة وتواجدت في الدوار الذي يمثل ميدان التحرير في مصر ، المراة كان لها دور تنظيمي من خيام ومسيرات واعلام وتنسيق بين الجهات والمنظمات الدولية الحقوقية لتسليط الضوء على الحركة ونقلها الى الخارج .
في 14 فبراير اصبحت المراة معذبة او شهيدة او معتقلة ، والان يوجد مجالس لجان تحقيق ومجالس تاديبية للموقوفين عن العمل وللنساء نصيب بذلك .
كان هناك محاولات تحرش جنسي بمداهمة البيوت واعتقال للازواج .الثورة رغم كل ذلك كسرت حاجز الخوف ولا زالت المراة تصر والشعب يريد حقوقه.
*تحديات كثيرة ماثلة*
وتابع المؤتمر ابحاثه في اليوم التالي في جلسات تناولت "واقع وتحديات التحول الدمقراطي" حيث شاركت النساء في النقاش حول طابع المرحلة والتحديات الماثلة أمام الشعوب العربية بشكل عام والنساء بشكل خاص، حيث كان من الواضح أن الهاجس الاكبر في المؤتمر كان آثار التدخلات الخارجية الاجنبية والعربية فيما يجري داخل الدول ، كما احتل المد الاصولي الذي يجتاح تونس ومصر حيزا كبيرا من النقاشات خاصة وان هذه الحركات الاصولية بدأت بالمطالبة بتغيير نصوص قانونية واملاءات في صياغة الدساتير المزمع وضعها مما يشكل خطرا حقيقيا على منجزات الحركة النسوية العربية على ضآلتها .كما حذرت المشاركات من الثورة المضادة التي قد يقودها فلول النظم الساقطة والتي مازالت متجذرة داخل السياسة والاقتصاد المحلي أو من القيادات العسكرية مثل ليبيا ومصر .
*المشاركة في بناء الديموقراطية*
في اليوم الثالث ناقشت الجلسات طرق ادارة المرحلة الانتقالية للتحول الدمقراطي ودور النساء في تلك المرحلة مؤكدات على القضايا الاستراتيجية التي يجب الالتفات لها مثل عملية اعادة صياغة الدساتير وأهمية الحكمة في ان تكون هذه الدساتير ضامنة للمواطنة الكاملة والمساواتية للنساء ولجميع فئات الشعب والمحافظة على مكونات الدولة المدنية والعلمانية في بنود الدستور . ورغم المشاركة الفاعلة للنساء خلال الثورات الا أن المشاركات عبرن عن تخوفهن من اقصاء المرأة من الحراك السياسي الحاصل داخل بلدانهم ومن عدم شمل النساء في العملية الانتخابية مشيرات الى ما حصل في تونس وعدم وجود عدد كاف من المرشحات في الاحزاب التي خاضت الانتخابات .
واشارت المشاركات الى اهمية فهم ان الحالة الثورية مبنية على مفهوم التغيير للاصلاح وبناء جديد وبالتالي اول خطوة لتحقيق الامر تكون من خلال تفتيت الاستعمار والاستبداد والليبرالية الجديدة التي هي امتداد للحركة الاستعمارية (مد تاريخي) وهناك رغبة في بناء دولة مدنية وديمقراطية.
وناقشت المشاركات موضوع العدالة الانتقالية خاصة وان كثير من الجرائم ارتكبتها الانظمة ما قبل الثورة وخلال الثورة ضد النساء مثل التحرشات والمضايقات الجنسية والاغتصاب والتعذيب في السجون وضرورة كشف هذه الجرائم وفضحها ايا كان مرتكبيها مثل الحالة الليبية حيث هناك دلائل أن قوات المعارضة ارتكبت جرائم مماثلة ضد النساء .
واكدت المشاركات في المؤتمر اهمية ان تقوم النساء بطرح مجمل القضايا الوطنية العامة ودمج قضايا النوع الاجتماعي من خلال القضايا العامة اعتمادا على مباديء حفظ الكرامة والمساواة والمواطنة المتساوية والحق بالحماية والرعاية والعدالة الاجتماعية .
*تحيات وتحذير*
وفي الجلسة الاختتامية للمؤتمر قامت كل من عايدة توما – سليمان والمحامية أسمى خضر من الاردن والدكتورة ماجدة العدلي من مصر بتلخيص النقاشات التي دارت في المؤتمر وابرز محاور النقاش واعتمد المؤتمر صيغة بيان عام تشيد فيه شبكة سلمى والوفود المشاركة بالدور الذي قامت وتقوم به النساء العربيات في الثورات وفي عملية البناء الديمقراطي في مجتمعاتنا العربية .واكد البيان ان المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية هي فرصة من المهم استثمارها من خلال الارادة السياسية المتوفرة لدى الشعوب والنساء في المنطقة من أجل احداث التغيير الديمقراطي المرجو .
وأعلن البيان التضامن الكامل مع النساء اللواتي يخضن هذه المعركة المصيرية ويلعبن دورا بارزا في اعادة تشكيل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلدانهم وتحية خاصة لشهيدات الحرية ولكل المعتقلات السياسيات واللواتي تعرضن للقمع والانتهاكات .
كما حذر البيان من تبعات التدخلات الخارجية في شؤون الشعوب لما فيه من امكانية سلب الارادة السياسية والانقلاب على طموحات الشعوب ونهب خيرات المنطقة واعادة ترتيب حدودها . ودعى البيان الى أوسع تلاحم نسوي تضامني من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية .
وكانت شبكة سلمى قد عقدت بعدها يومين داخليين لعضوات الشبكة ناقشت فيه مخرجات المؤتمر واعادت صياغة برنامج عملها وتوجهاتها الاستراتيجية للمرحلة القادة .
وفي تصريح للسيدة عايدة توما – سليمان حول المؤتمر: أن المؤتمر كان ناجحا بكل المقاييس وأن المشاركات أكدن على أهمية انعقاده في مثل هذه الظروف وهذا التوقيت . وأضافت توما" إننا في جمعية نساء ضد العنف نشعر بالفخر لهذا الدور الريادي الذي قمنا به في التنسيق لهذا المؤتمر ونعتبره مساهمة بسيطة على مستوى أقليمي في دفع الحركة النسوية العربية في المنطقة .
وأكدت " لقد وضعت الشريكات في شبكة سلمى ثقتهن في جمعية نساء ضد العنف بإعادة انتخابنا منسقات إقليميات للشبكة في السنتين القادمتين وعلى أجندتنا أعمالا إقليمية جسيمة وكلنا أمل بأن نكون على قدر هذه المسؤولية .